الأمراض غير السارية | الأخبار | إدماج الأمراض غير السارية والصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في سوريا: إثبات الجدوى والأثر باستخدام مجموعات أدوات الطوارئ الخاصة بالأمراض غير السارية

إدماج الأمراض غير السارية والصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في سوريا: إثبات الجدوى والأثر باستخدام مجموعات أدوات الطوارئ الخاصة بالأمراض غير السارية

طباعة PDF

ncd-emergency-kits-deployment

مقدمة

وفي خضم حالات الطوارئ الممتدة، كان تركيز الاستجابة الصحية الإنسانية ينصب عادةً على الحالات الحادة، وغالبًا ما يُغفل الأثر الكبير للأمراض غير السارية في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط والمناطق المعرضة للكوارث. فعلى سبيل المثال، شهدت سوريا معدلًا مرتفعًا للوفيات الناجمة عن الأمراض غير السارية، إذ تُعزى 45% من مجموع الوفيات إلى هذه الحالات، ومنها أمراض القلب والأوعية الدموية (25%) والسرطان (9%). وتتفاقم مخاطر المضاعفات المرتبطة بالأمراض غير السارية، ويزيد من تفاقمها محدودية فرص الحصول على المأوى وخدمات الرعاية الصحية، وتَعَطُّل توفير الأدوية وتشخيص هذه الأمراض وعلاجها. ولمعالجة هذه المسألة، استهلت المنظمة مشروعًا تجريبيًا في 12 مركزًا من مراكز الرعاية الصحية الأولية، وتضمن ذلك إدخال مجموعات أدوات حالات الطوارئ‬ للأمراض غير السارية من أجل التدبير العلاجي للأمراض غير السارية السائدة، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم والأمراض التنفسية المزمنة وحالات مختارة من الصحة النفسية. واحتوت كل مجموعة من مجموعات أدوات حالات الطوارئ‬ للأمراض غير السارية على أدوية وأجهزة وإمدادات لتلبية الاحتياجات الصحية ذات الأولوية في مجال الأمراض غير السارية لعدد 000 10 شخص لمدة ثلاثة أشهر.

‫السياق‬

أسفر الصراع السوري الذي بدأ في عام 2011 عن انهيار النظام الصحي في البلاد. ولم يكن ليتسنى استعادة النظام جزئيًا إلا من خلال الجهود التعاونية للمنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية والدعم المقدم من الجهات المانحة ووكالات الأمم المتحدة مثل منظمة الصحة العالمية. ومع ذلك، ظل التدبير العلاجي للأمراض غير السارية دون المستوى الأمثل، ويتجلى ذلك في ارتفاع النفقات التي يتكبدها المواطنون، وعدم كفاية تقديم الرعاية الجيدة، والافتقار إلى التنسيق والمتابعة، وعدم وجود نظام فعال لتوصيل سلسلة تبريد الأنسولين وإدارتها.

وإدراكًا من منظمة الصحة العالمية للحاجة المُلحة إلى التصدي للأمراض غير السارية في هذا السياق، فقد أنشأت المنظمةُ مركز غازي عنتاب في شمال غرب سوريا في عام 2016. ونُفِّذت مبادرات دعم الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي إلى جانب تدخلات مختلفة لتعزيز توزيع أدوية الأمراض غير السارية، وبناء القدرات، والتشخيص، والتدبير العلاجي، والعلاج. وكَيَّفت منظمة الصحة العالمية حزمة التدخلات الأساسية للأمراض غير السارية لاستخدامها في شمال غرب سوريا، وشمل ذلك تدريب أكثر من 200 طبيب رعاية صحية أولية في إدلب وحلب، لتنفيذ هذه التدخلات. كما استُحدث برنامج العمل بشأن سد الفجوات في مجال الصحة النفسية في المناطق التي كانت محاصرة في السابق، مثل الغوطة الشرقية وريف دمشق.

المبادرة

بدعم من المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، بدأ مركز غازي عنتاب في توحيد تشخيص الأمراض غير السارية والصحة النفسية والتدبير العلاجي لها وعلاجها. وفي عام 2018، جُرِّبت مجموعة أدوات حالات الطوارئ للأمراض غير السارية في ثلاثة مراكز للرعاية الصحية الأولية، ثم جرى التوسُّع بتسعة مراكز إضافية في جميع أنحاء شمال غرب سوريا في عام 2019.

وانطوى دمج الأمراض غير السارية في هذه المراكز على إنشاء نظام رعاية للأمراض غير السارية، وتكييف المبادئ التوجيهية لحزمة منظمة الصحة العالمية للتدخلات الأساسية في مجال الأمراض غير السارية، وتنفيذ حزمة تقنية للتدبير العلاجي لأمراض القلب والأوعية في الرعاية الصحية (HEARTS) للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية والتدبير العلاجي لها. وأنشِئت أفرقة مخصصة لرعاية الأمراض غير السارية داخل هذه المراكز، وتولَّت وضع إجراءات تشغيلية موحدة وإجراء فحوصات لأمراض القلب والأوعية الدموية لدى المرضى الذين تبلغ أعمارهم 40 عامًا فما فوق. وقُدِّم التدبير العلاجي السريري والصيدلاني للمرضى الذين شُخِّصت حالتهم، في حين كَفَل فريق الرصد الميداني التدريب المنتظم أثناء العمل والإشراف على موظفي الرعاية الصحية. واستُخدمت أدوات رصد شهرية للحفاظ على جودة رعاية المصابين بالأمراض غير السارية، بما في ذلك التدبير العلاجي السليم لمجموعات أدوات الطوارئ الخاصة بالأمراض غير السارية.

الأثر

وعلى الرغم من صعوبة وضع الصراع والغارات الجوية المتكررة التي استلزمت النقل إلى مرافق أكثر أمانًا، فقد نجحت مراكز الرعاية الصحية الأولية التسع في خدمة نحو 000 126 شخص والتدبير العلاجي لما مجموعه 23457 حالة جديدة وحالات متابعة على مدار ثمانية أشهر. وخلال هذه الفترة، خضع 096 23 فردًا تبلغ أعمارهم 40 عامًا فما فوق لفحص أمراض القلب والأوعية الدموية باستخدام نماذج الفحص وخرائط المخاطر الموحدة. ويسرت مشاركة ممرضات الفرز وأطباء الرعاية الصحية الأولية تنفيذ التحرّي الفعال.

ولضمان تقديم رعاية جيدة في مجال الأمراض غير السارية، أعدَّ مركز غازي عنتاب التابع للمنظمة إجراءات التشغيل الموحدة، وخوارزميات العمل، وقائمة مرجعية لأدوات رصد الأمراض غير السارية، ونماذج التسجيل، وبطاقات هوية المرضى المصابين بالأمراض غير السارية، ونماذج التدبير العلاجي لحراس الرعاية الصحية الأولية. وبالإضافة إلى ذلك، وَظَّف المركز مجموعة من الموظفين الأساسيين مثل كُتَّاب البيانات، وكتَّاب الاستقبال، وممرضي الفرز، وفنيي المختبرات، وعمال النظافة، والصيادلة.

وكان لإدماج الأمراض غير السارية في مراكز الرعاية الصحية الأولية هذه أثرٌ إيجابي على رعاية المرضى. وقد أدى ذلك إلى تحسين الالتزام بالأدوية، وزيادة معدلات المتابعة، وتحسين التحكم في ضغط الدم، وتعزيز نتائج المرضى. وقد اتبعت المبادرة نهجًا شاملًا في رعاية الأمراض غير السارية من خلال التعاون مع المنظمات غير الحكومية الشريكة التي دعمت إدماج الأمراض غير السارية في مراكز الرعاية الصحية الأولية. وشمل هذا التعاون أيضًا تنفيذ برنامج العمل بشأن سد الفجوات في مجال الصحة النفسية وتعيين عاملين نفسيين واجتماعيين. وعلاوة على ذلك، تلقى أطباء الرعاية الصحية الأولية تدريبًا على برنامج العمل بشأن سد الفجوات في مجال الصحة النفسية، مما مكنهم من التصدي بفعالية لاضطرابات الصحة النفسية والعواقب النفسية للأمراض غير السارية الأخرى.

الدروس المستفادة

إدماج الأمراض غير السارية في الرعاية الصحية الأولية. يُعدُّ إدماج الأمراض غير السارية في الرعاية الصحية الأولية استراتيجية بالغة الأهمية لتعزيز النظام الصحي، لا سيّما على مستوى الرعاية الصحية الأولية. ويُظهر هذا النهج أنه حتى في حالات الطوارئ الممتدة، يمكن تعزيز النظم الصحية القائمة من أجل التصدي للأمراض غير السارية بفعالية.

تنفيذ حزمة منظمة الصحة العالمية للتدخلات الأساسية في مجال الأمراض غير السارية أدى تنفيذ حزمة منظمة الصحة العالمية للتدخلات الأساسية في مجال الأمراض غير السارية دورًا رئيسيًا في إدماج الأمراض غير السارية في الرعاية الصحية الأولية. وتتيح هذه الحزمة من التدخلات الأساسية إطارًا للتعامل مع الأمراض غير السارية، وكان لها دورٌ أساسيٌ في توجيه مقدمي الرعاية الصحية لتقديم رعاية جيدة.

استخدام مجموعات أدوات حالات الطوارئ للأمراض غير السارية كان استخدام مجموعات أدوات حالات الطوارئ للأمراض غير السارية ضروريًا للتخفيف من العواقب الناجمة عن توقف سلسلة الإمداد. وتضمن هذه المجموعات توافر الأدوية والمستلزمات الأساسية للتدبير العلاجي للأمراض غير السارية، حتى في حالات الطوارئ.

الإسهام في نظام المعلومات الصحية على مستوى المناطق أسهم إدماج حزمة منظمة الصحة العالمية للتدخلات الأساسية في مجال الأمراض غير السارية، والأمراض غير السارية في الرعاية الصحية الأولية، إسهامًا كبيرًا في تطوير نظام المعلومات الصحية على مستوى المناطق الواقعة في شمال غرب سوريا. وقد أدرج هذا الإدماج في النظام بيانات ومعلومات قيِّمة عن التدبير العلاجي للأمراض غير السارية وعلاجها، مما أتاح فهمًا أشمل للأمراض غير السارية داخل الإقليم.

اتخاذ القرارات بالاستناد إلى الأدلة إن إدماج الأمراض غير السارية في نظام المعلومات الصحية على مستوى المناطق يدعم اتخاذ القرارات المسندة بالبيّنات لتحسين تقديم الرعاية الصحية. ومن خلال الحصول على بيانات دقيقة وحديثة عن الأمراض غير السارية، يمكن لمقدمي الرعاية الصحية وراسمي السياسات اتخاذ قرارات مستنيرة لتعزيز جودة الرعاية وتلبية الاحتياجات المحددة للأفراد المصابين بالأمراض غير السارية.

الفرص السانحة

ويبرهن نجاح المبادرة على جدوى إدماج الأمراض غير السارية والصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي على مستوى الرعاية الصحية الأولية، حتى في سياقات الطوارئ. ويبرز الأثر الإيجابي الذي تحقق في غضون ثمانية أشهر فقط إمكانية توسيع نطاق البرنامج.

ويخطط مركز غازي عنتاب التابع للمنظمة لتكرار مبادرة إدماج الأمراض غير السارية وتوسيع نطاقها لتشمل 25 مركزًا إضافيًا للرعاية الصحية الأولية في شمال غرب سوريا. ويشمل ذلك شراء مجموعات أدوات الطوارئ الخاصة بالأمراض غير السارية لمدة 12 شهرًا، فضلًا عن إدماج الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي والمهنيين المدربين من خلال برنامج العمل بشأن سد الفجوات في مجال الصحة النفسية ضمن أفرقة رعاية الأمراض غير السارية.

المراجع

المرتسمات القُطرية للأمراض غير السارية لعام 2018