المركز الإعلامي | الأخبار | بيان المدير الإقليمي بشأن كوفيد-19 في إقليم شرق المتوسط

بيان المدير الإقليمي بشأن كوفيد-19 في إقليم شرق المتوسط

أرسل إلى صديق طباعة PDF

26 كانون الثاني/ يناير 2022 - لا يزال الوضع الراهن لجائحة كوفيد-19 في إقليمنا يبعث على القلق. فحتى 22 كانون الثاني/ يناير 2022، أُبلغ عن أكثر من 18.2 مليون حالة إصابة، ونحو 320 ألف حالة وفاة بسبب كوفيد-19، ويمثل ذلك زيادة بنسبة 37% في الحالات مقارنةً بالأسبوع السابق، وزيادة بنسبة 186% في الحالات مقارنةً بنفس الوقت من العام الماضي.

وعلى الرغم من عدم ورود أعداد دقيقة من البلدان بشأن حالات الاحتجاز بالمستشفى التي تُعزى إلى التحور أوميكرون، يوجد عبء متزايد على نُظُم الرعاية الصحية والعاملين في مجال الرعاية الصحية كنتيجة مباشرة لهذا التحوُّر الجديد الذي يُشكِّل غالبية الحالات الجديدة المُكتشفة.

وخلال العام الماضي، لم يكن كثيرٌ منا يسمع إلا بعدد قليل من الإصابات في محيطنا المباشر، أما الآن فنرى الفيروس يظهر في بيوتنا وبين أقرب الناس إلينا. واسمحوا لي أن أكون واضحًا: لا يزال أوميكرون يُمكن أن يتسبب في جميع أشكال المرض، بدءًا من العدوى العديمة الأعراض، والعدوى الخفيفة، والعوى التي تتطلب الاحتجاز بالمستشفى، وصولًا إلى الوفاة.

وفي الوقت الذي تواجه فيه البلدان زيادةً في حالات الإصابة والوفيات، نشهد تزايد علامات الفتور والسأم من كوفيد-19 بين عامة الناس، فضلًا عن القلق إزاء الانتشار السريع لتحوُّر أوميكرون، واللغط بشأن الجرعات المُنشطة وفعالية اللقاحات المُتاحة ضد التحوُّرات الجديدة.

ويحاول الفيروس أن يظل متقدمًا علينا بخطوة، بينما نعمل بشكل جماعي على احتوائه. ولن يكون أوميكرون التحوُّر الأخير لهذا الفيروس ما دمنا نشهد سريان المرض، إلى جانب انخفاض مستويات التغطية بالتطعيم، ومحدودية الالتزام بتدابير الوقاية في إقليمنا، فإننا بذلك نسهم في الزيادة الضخمة المشهودة حاليًا، ولا نعمل إلا على إطالة المرحلة الحادة من هذه الجائحة.

وقد قدمت منظمة الصحة العالمية، على مدى أكثر من عامين، إرشادات وتوصيات للبلدان والأفراد بشأن الإجراءات اللازمة للمساعدة على إنهاء هذه الجائحة. ولأننا علمنا المزيد عن الفيروس وقدرته على الانتشار والتحوُّر، فإننا نواصل تحديث توصياتنا بانتظام. ولكن طوال هذا الوقت، كان موقفنا من عدة نقاط واضحًا.

أولًا، يتطلب إنهاء الجائحة الالتزام باستجابة تشمل الحكومة بأكملها والمجتمع بأسره. ففي بلدان مثل البحرين، والمملكة العربية السعودية، وباكستان، وعُمان، وتونس، حيث شاركت أعلى مستويات القيادة بنشاط في الاستجابة، شهدنا بوجه عام استجابة جيدة للجائحة خلال العام الماضي، فضلًا عن حملات تطعيم ناجحة.

ثانيًا، لا يزال الترصد، والاختبار، والعزل، وتتبع المخالطين، والعلاج عناصر رئيسية في أي استجابة وطنية. ويجب على البلدان أن تواصل تسريع وتيرة استجابتها الوطنية لاحتواء الأعداد المتزايدة من حالات الإصابة وتنفيذ أي قيود تُفرض استنادًا إلى تقييمات المخاطر. ويتعيَّن علينا، خلال ذلك، أن نحمي الفئات الأكثر ضعفًا في مجتمعاتنا، وأن نحمي كلًا من نظمنا الصحية والعاملين الصحيين من الأعباء التي تتجاوز طاقتهم.

ثالثًا، يُعدّ الالتزام بتدابير الصحة العامة والتدابير الاجتماعية، والتوسع في توفير التطعيم أمرًا بالغ الأهمية. فهذه هي السُّبل المُثبتة لحماية نفسك والآخرين، وهي: الحصول على اللقاحات، وارتداء الكمامات، وغسل اليدين أو تعقيمهما، والالتزام بالتباعد البدني، وتهوية الأماكن المغلقة، وتجنب الحشود، وممارسة آداب السعال والعطس الصحيحة. فعلينا جميعًا أن نؤدي دورًا في حماية أحبائنا وأفراد مجتمعاتنا.

وأخيرًا، انطلاقًا من روح رؤيتنا الإقليمية "الصحة للجميع وبالجميع"، نواصل التشديد على الحاجة إلى التنسيق والتعاون بين البلدان وانخراط مختلف الشركاء. فاحتواء الجائحة في بلد واحد فقط ليس حلًا. ونحن نشجع البلدان، ولا سيما البلدان المرتفعة الدخل ذات الاستجابات القوية، أن تشارك الموارد وتتقاسم الدروس المستفادة وأفضل الممارسات مع البلدان ذات القدرات المحدودة. وقد شهدنا، حتى الآن، أمثلة جيدة لتقاسم الموارد من بلدان مثل الكويت، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، حيث قدموا جرعات اللقاحات إلى بلدان أخرى داخل الإقليم وخارجه.

وبينما نشهد ارتفاعًا حادًا في الحالات، تُتاح لنا الفرصة لتسريع جهود الاستجابة والاقتراب من إنهاء هذه الجائحة. فحياة الناس مُعرَّضة للخطر كل يوم، وتتمثل أولويتنا في الحد من العدوى الوخيمة والوفاة. وحتى يتسنى حدوث ذلك، ينبغي أن نضع في اعتبارنا ما يلي:

أولًا، يمكن أن يسبب أوميكرون أعراض المرض الوخيمة ويضع أنظمتنا الصحية تحت ضغط. ورغم أن معظم حالات الإصابة الناجمة عن هذا التحوُّر قد تكون أخف وخامةً، فإنه لا يزال يتسبب في الاحتجاز بالمستشفى والوفاة، بل إن الحالات الأقل وخامةً تتسبب أيضًا في إنهاك المرافق الصحية.

ثانيًا، اللقاحات تنقذ الأرواح. فمعظم الإصابات الحالية تحدث لأشخاص لم يحصلوا على اللقاح، ولا تزال اللقاحات فعالة للغاية في الحماية من الإصابة بأعراض المرض الخطيرة، والاحتجاز بالمستشفى، والوفاة، وحتى من تحوُّر أوميكرون.

ثالثًا، توجد علاجات جديدة في متناول أيدينا. فقد أوصت منظمة الصحة العالمية مؤخرًا بعلاجين جديدين لمرض كوفيد 19، مما يزيد من الأدوات المستخدمة لمكافحة أعراض المرض الوخيمة والوفاة. والعلاجان المطروحان هما دواء التهاب المفاصل الروماتويديّ المُسمى باريسيتينيب والأجسام المضادة الوحيدة النسيلة التي يُطلق عليها سوتروفيماب. كما تعمل منظمة الصحة العالمية مع الشركاء من خلال مبادرة تسريع إتاحة أدوات مكافحة كوفيد-19 للتأكد من أن هذه العلاجات متوفرة أيضًا للبلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط.

رابعًا، يُعتبر العاملون في مجال الرعاية الصحية العمود الفقري للاستجابة، فلا بد من احترامهم، وحمايتهم، وتزويدهم بالأدوات والمعلومات اللازمة للقيام بعملهم بأكبر قدر مُمكن من الكفاءة، ودون المخاطرة بسلامتهم الشخصية دون مبرر.

خامسًا، المجتمعات والأفراد هم العناصر الفاعلة الرئيسية في العالم الجديد الذي نعيش فيه الآن، وتؤدي مجهوداتهم البناءة، وروحهم الإيجابية، وشعورهم بالانتماء للمجتمع دورًا حاسمًا يقودنا إلى نهاية الجائحة.

وعلى الرغم من أننا الآن في بداية السنة الثالثة لجائحة كوفيد-19، فقد أحرزنا تقدمًا في عدة مجالات رئيسية، لا سيما فيما يخص تطوير مجموعة فعالة من الأدوات. وقد أظهرت لنا هذه الجائحة أن الحكومات والمجتمعات تمتلك إمكانات هائلة للعمل على نحو جماعي وإحداث التغيير عند مواجهة تهديد مشترك. ولعل أكبر التحديات التي لا تزال تواجهنا هي المعلومات الخاطئة والمُضللة، والتسييس، والفتور والسأم من الجائحة. ولكننا جميعًا لنا دور في التصدي لهذه التحديات.

فلنستعيد العزيمة، والتصميم، والزخم الذي وحَّدنا في بداية الجائحة حتى نتمكن من دحر هذا الفيروس قبل أن تُتاح له الفرصة لمزيد من الانتشار والتحوُّر. فنستعيض عن التراخي بالعمل، وعن الحزن بالأمل.