12 أيار/ مايو 2025
أسعد الله صباحكم جميعًا بكل خير، وأرحب بكم أجمل ترحيب في هذه المناسبة المميزة.
في احتفالنا باليوم الدولي لكادر التمريض، نتوجه بخالص التقدير والعرفان للعاملين في هذا المجال الحيوي لتفانيهم المتواصل، وصمودهم المثالي، ودورهم القيادي البارز في إقليم شرق المتوسط والعالم أجمع.
فكوادر التمريض والقبالة في نُظمنا الصحية هم حجر الأساس، إذ يمثلون أكثر من نصف القوى العاملة الصحية عالميًّا.
واليوم، نلقي الضوء على التقرير الثاني عن "حالة التمريض في العالم"، في محطة فارقة تسبق بخمس سنوات الموعد المرتقب لتحقيق أهداف التنمية المستدامة العالمية.
ويُبرِز التقرير الإنجازات المضيئة التي تحققت، ولا سيما الزيادة في عدد العاملين بمجال التمريض عالميًّا، بينما ينبهنا إلى التحديات الكبيرة التي ما زالت تواجه جهودنا المشتركة.
والقوى العاملة في التمريض ركيزة أساسية لتحقيق الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة بشأن «الصحة الجيدة والرفاه» بحلول عام 2030، خصوصًا فيما يتعلق بالتغطية الصحية الشاملة وتعزيز الرعاية الصحية الأولية.
ورغم ذلك، فإن التقدم الذي نشهده ما زال يسير بإيقاع أبطأ مما نطمح إليه. وبدون إجراءات محددة وفعَّالة، سوف تستمر فجوات القوى العاملة في مجال التمريض إلى ما بعد عام 2030، لا سيما في الأقاليم الأكثر ضعفًا.
ويأتي إقليم شرق المتوسط حاليًّا في المرتبة الثانية في أدنى كثافة للعاملين في التمريض عالميًّا - بمعدل 15.5 فقط لكل 10000 شخص، مقارنةً بالمتوسط العالمي البالغ 37.1.
ومما يبعث على القلق أن إقليمنا وحده قد يشكل ما يقارب رُبع النقص العالمي في كوادر التمريض بحلول عام 2030.
إننا نواجه اليوم حقائق مؤلمة لا يمكن تجاهلها: فهناك تراجع مستمر في ظروف العمل، وفجوات متزايدة في برامج التعليم والتدريب، وهشاشة في الأطر التنظيمية، ومظاهر متعددة لغياب الإنصاف، وزيادة في ظاهرة هجرة الكفاءات التمريضية.
ويزيد وطأةَ التحديات أن إقليمنا يتعرض لأكثر من 60% من الهجمات التي تُوجَّه إلى المرافق الصحية على الصعيد العالمي.
وتتطلب هذه الظروف الاستثنائية استثمارات استراتيجية موجهة بدقة، عميقة الأثر، ومستدامة في مجالات التوظيف والتعليم والقيادة وتطوير منظومات تقديم الخدمات الصحية.
وفي هذا السياق، فإن المبادرة الإقليمية الرئيسية بشأن الاستثمار في قوى عاملة صحية قادرة على الصمود محفِّز أساسي لتسريع وتيرة الجهود المبذولة وتعزيز فعاليتها؛ إذ تتبنى المبادرة نهجًا شاملًا لتعزيز الاستثمار في القوى العاملة الصحية، مع إيلاء اهتمام خاص بالرعاية الصحية الأولية والوظائف الأساسية للصحة العامة.
وتدعم المبادرة أيضًا أنماط الإنفاق المبتكر والفعَّال الذي يوسع نطاق الحصول على الرعاية الصحية، ويرفع القدرة على الاستجابة للطوارئ، ويضمن استدامة النظام الصحي على المدى البعيد، عن طريق كوادر مؤهلة تأهيلًا عاليًا، وتتمتع بالمرونة الكافية للتكيف مع المتغيرات.
وتسعى المبادرة أيضًا إلى تعميق أواصر التضامن الإقليمي، وتحفيز الدول على تعزيز التعاون المشترك عبر منصات تبادل المعرفة والخبرات والموارد المتاحة. وتأتي كوادر التمريض والقبالة في صميم تلك الجهود الطموحة، وهو الموقع الذي ينبغي أن تتبوأه دائمًا.
إن آفاق التحول الإيجابي في هذا المجال الحيوي تبدو واعدة ومليئة بالإمكانات الهائلة. فالإحصاءات تشير إلى أن 56% من العاملين في قطاع التمريض بالإقليم هم دون سن 35 عامًا، وهُم جيل شاب ومتحمس، يتمتع بالتزام عميق، ويمتلك مقومات القيادة الواعدة.
والأكثر إلهامًا أن 73% من هذه الكوادر من النساء، ويتولى كثير منهن بالفعل مناصب قيادية مؤثرة، ستُسهم في رسم ملامح مستقبل نُظمنا الصحية.
وأودُّ في ختام كلمتي أن أتقدم بجزيل الشكر والامتنان لدولة الإمارات العربية المتحدة على مشاركتها الكريمة في استضافة هذه الفعالية الاستراتيجية، وأشيد بروح التعاون المثمر الذي يجمع قيادات التمريض في مختلف أرجاء إقليمنا.
ويسرني بوجه خاص الإنصات إلى أصوات كوادر التمريض الشابة والوافدة حديثًا إلى المجال خلال جلسات اليوم الثرية بالنقاش.
فرؤيتكم المتجددة، وخبراتكم المتنوعة، وطاقاتكم الحيوية تمثل ركائز أساسية لبناء مستقبل أكثر قوة وإنصافًا وشمولًا. ويقع على عاتقنا جميعًا واجب الاستثمار فيكم، وتوفير كل سُبل الحماية لكم وتمكينكم، لتواصلوا دوركم الرائد في بناء نُظم صحية متطورة ومستدامة.
شكرًا لكم.