19 أيار/ مايو 2025
أصحابَ المعالي والسعادة،
الزميلات والزملاء الأعزاء،
بدايةً، أود أن أشكر رئيس المجلس، معالي الدكتور صالح الحسناوي، وزير الصحة في جمهورية العراق، على إتاحة الفرصة لي للقائكم، ولكم يسعدني ويشرفني الانضمام إليكم اليوم في هذا الحدث المهم.
إن منظمة الصحة العالمية تثمِّن غاليًا الشراكة التي تجمعها منذ زمن طويل بجامعة الدول العربية، فالتعاون بيننا يستند إلى تاريخ من الالتزام المشترك بتحسين حياة الناس وصحتهم في شتى ربوع المنطقة العربية، وذلك بإعلاء قِيَم التضامن، والعمل المسند بالبيِّنات، والإرادة الجماعية الساعية إلى النهوض بالصحة للجميع.
وقد حققنا معًا إنجازات فارقة.
ومن تلك الإنجازات المشتركة: الاستراتيجية العربية للنهوض بمهنتَي التمريض والقِبالة، والخطة الاستراتيجية العربية المتعددة القطاعات لصحة الأمهات والأطفال والمراهقات،1 والاستراتيجية العربية للصحة والبيئة،2 والاستراتيجية العربية لموازنة صديقة للصحة.
وفي مجال الحد من مخاطر الكوارث، دعمت المنظمة الدول الأعضاء في توصيف المخاطر، والتخطيط لحالات الطوارئ، وبناء القدرات التي تركز على الصحة، ومن ذلك ما كان في «المنتدى الإقليمي العربي السادس للحد من مخاطر الكوارث»، الذي عُقد في الكويت هذا العام.
وخير مثال على التعاون بين مختلف القطاعات هو عملنا المشترك بشأن مكافحة تعاطي التبغ. فقد دعمت جامعة الدول العربية بقوة وحسم اعتماد وتنفيذ اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ في جميع البلدان العربية، وهو ما يدل على قوة الاستجابة العربية الموحدة للتحديات الصحية العامة في الإقليم.
ويُرسِي عملنا في مجالات مثل المسوح الصحية الوطنية، والإبلاغ عن المؤشرات الصحية، واستراتيجيات الصحة الرقمية، الأساسَ لوضع سياسات أكثر استنادًا إلى البيانات في جميع أنحاء الإقليم.
وتعكس كل واحدة من تلك المبادرات قدرة الشراكة على تحقيق النتائج المنشودة عبر القطاعات. ومع ذلك، يجب علينا مواجهة حقيقة المشهد الصحي المثير للقلق البالغ.
فلا يزال إقليم شرق المتوسط يتحمل نصيبًا غير متناسب من الأزمات الإنسانية العالمية، إذ يتضمن ثلث جميع حالات الطوارئ في العالم. واليوم، يحتاج 15% من سكاننا إلى المساعدات الإنسانية في وقت تتصاعد فيه الاحتياجات. وتتطلب هذه الأزمات استجابة موحدة بين مختلف القطاعات.
وفي بلدان مثل السودان والأرض الفلسطينية المحتلة، تمثِّل الدبلوماسية الصحية وإمكانية الحصول على الرعاية ركيزتين أساسيتين من ركائز البقاء.
ونحث جميع الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية التي تتمتع بالقدرة على توفير تلك الركائز على توسيع نطاق دعمها - ماليًّا وتقنيًّا وسياسيًّا.
وإزاء التحديات المتزايدة، تعكف المنظمة على حشد جهود الاستجابة للطوارئ والاستثمار في ابتكار حلول طويلة الأجل.
وتهدف خطتنا التنفيذية الاستراتيجية الإقليمية 2025-2028 إلى النهوض بالتغطية الصحية الشاملة، وبناء نُظُم صحية قادرة على الصمود، وتعزيز الأمن الصحي، والارتقاء بالصحة والعافية.
وإلى جانب ذلك، نمضي قُدُمًا بثلاث مبادرات رئيسية تُسرِّع وتيرة التقدُّم المُحرَز في تنمية القوى العاملة الصحية، وإتاحة المنتجات الطبية الأساسية، والتحدّي المتمثل في تعاطي مواد الإدمان.
ونعمل معًا على إحداث تأثير كبير في العديد من تلك المجالات، وإنني أتطلع قُدُمًا لما لم يتحقق بعدُ.
واستشرافًا للمستقبل، ثمة فرصة أخرى حاسمة تتمثل في الاتفاق بشأن الجوائح، الذي سيُناقَش خلال دورة جمعية الصحة العالمية هذا العام. ونحن نعوِّل على دعمكم ومساندتكم.
فهذا الاتفاق ليس مجرد صك قانوني، بل هو وعد نقطعه للأجيال المقبلة، من شأنه تعزيز جهود الوقاية من الجوائح وترصُّدها، وتحقيق الإنصاف في الحصول على الرعاية.
ونحن حريصون أيضًا على تعزيز روابطنا المؤسسية، إذ يستعد المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط لوضع اللمسات الأخيرة على مذكرة تفاهم مع جامعة الدول العربية، لإضفاء الطابع الرسمي على تعاوننا وتوسيع نطاقه.
أصحابَ المعالي والسعادة،
لقد أصبحت الحاجة اليوم إلى الشراكة والتعاون فيما بيننا أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
لذلك، فإنني أدعوكم إلى العمل معًا من أجل توفير الصحة وإعطاء الأمل لكل مواطن عربي كريم.