المركز الإعلامي | الأخبار | الكوليرا تفاقم مواطن الضعف في سوريا

الكوليرا تفاقم مواطن الضعف في سوريا

أرسل إلى صديق طباعة PDF

8 كانون الأول/ديسمبر 2022 - منذ إعلان أول حالة إصابة في 6 أيلول/سبتمبر 2022، انتشرت الكوليرا في جميع المحافظات السورية البالغ عددها 14 محافظة، مما أضاف فصلًا قاسيًا آخر من فصول المعاناة الإنسانية في البلد الذي مزقته الحرب.

وفي الفترة ما بين 25 آب/أغسطس و26 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، أُبلغ عن أكثر من 52 013 حالة مشتبه في إصابتها بالكوليرا و98 وفاة في جميع أنحاء سوريا، وسُجلت أعلى الأرقام في دير الزور والرقة وحلب وإدلب والحسكة. وقد أبلغت المخيمات التي تستضيف النازحين داخليًا عن أكثر من 2100 حالة إصابة.

يقول سالم البالغ من العمر 35 عامًا ونشأ في قرية الكُبَر في منطقة دير الزور الريفية: "كنتُ على وشك الموت، شعرتُ بالضعف وفقدان القوة. كانت حالتي تتدهور مع استمرار الإسهال والقيء لساعات. لم يكن في مقدوري سوى الذهاب إلى أقرب صيدلية لأنه لا توجد مراكز صحية أو مستشفيات في قريتي".

syria-water-resourcesضعف الموارد المائية في ريف محافظة دير الزور. منظمة الصحة العالمية في سوريا

وواصل سالم حديثه قائلًا: «كنتُ قلقًا جدًا على حالتي الصحية؛ وكنتُ مستلقيًا على الأرض لمدة 4 ساعات أتلقى العلاج بالسوائل الوريدية. "أبلغ الصيدلي على الفور ضابط الاتصال المعني بنظام الإنذار المبكر والاستجابة للأمراض الذي تدعمه منظمة الصحة العالمية، واشتبه ضابط الاتصال بإصابتي بالكوليرا، ويَسَّرَ رحلتي إلى أقرب مستشفى في مدينة الكسرة لتلقي العلاج الطبي اللازم".

وبسبب مزيج من العوامل التي شملت الأعمال العدائية المستمرة، وتدمير البنية التحتية على نطاق واسع، والحرمان من الخدمات الصحية الأساسية، ووجود عدد كبير من النازحين داخليًا، بالإضافة إلى الصدمات الناجمة عن المناخ والصدمات التي تسبب فيها البشر والتي تؤثر على الموارد الطبيعية - وخاصة المياه؛ عادت الكوليرا إلى سوريا للمرة الأولى منذ عام 2009.

وقد تراجع توفير المياه المأمونة لملايين السوريين تراجعًا بطيئًا، بالإضافة إلى تعرض البنية التحتية للمياه للدمار، إلى جانب انخفاض مستويات المياه بشكل قياسي في نهر الفرات.

نظام صحي مرهق دمرته الكوليرا  

لقد أدى الصراع الذي دام أحد عشر عامًا، والانكماش الاجتماعي والاقتصادي، ونزوح السكان، ومخاطر الصحة العامة المتعددة، بما في ذلك فاشيات الأمراض، إلى فرض ضغوط كبيرة على النظام الصحي المُمزَّق في سوريا.

وتقول الدكتورة إيمان الشنقيطي، القائمة بأعمال ممثل منظمة الصحة العالمية في سوريا: «ما زال ما يقرب من 30% من جميع المرافق الصحية العامة في سوريا متوقفة عن العمل وغير قادرة على تلبية الاحتياجات الصحية المتزايدة». "والشعب السوري يحاول جاهدًا منذ سنوات للبقاء على قيد الحياة فحسب، وتهديد الكوليرا كابوس غير مرحب به يطارد الملايين".

ويمثل النقص الحاد في العاملين في مجال الرعاية الصحية تحديًا آخر لا مفر منه. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الظروف المعيشية دون المستوى الأمثل، ومحدودية الحصول على الخدمات الصحية الأساسية، ولا سيّما في المجتمعات المحلية المثقلة بالأعباء والمخيمات/المواقع التي تضم النازحين داخليًا، قد زادت من خطر التعرض لفاشيات الأمراض.

وتتطلب البنية التحتية للخدمات الصحية الأساسية قدرًا كبيرًا من الصيانة وإعادة التأهيل لتوفير حد أدنى من مستوى تقديم الخدمات.

homs-national-hospitalمرفق صحي مدمر في محافظة حمص "المشفى الوطني بحمص". منظمة الصحة العالمية في سوريا

نهج سوريا الكامل للتصدي للكوليرا

بتمويل من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، والصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ، وإيطاليا، والنرويج، والتحالف العالمي من أجل اللقاحات والتمنيع، تدعم منظمة الصحة العالمية السلطات الصحية وغيرها من الشركاء في مجال العمل الإنساني للتصدي للفاشية من خلال تنفيذ نهج متعدد القطاعات لمكافحة الفاشية، وزيادة القدرة على الترصد والاختبار، وتدريب العاملين في مجال الرعاية الصحية، وتعزيز الوعي بين السكان، ورصد نوعية المياه في المناطق الشديدة التعرض للخطر.

وقد فعّلت المنظمة نُظُم تنسيق إدارة الأحداث في دمشق وغازي عنتاب، وفريق العمل المعني بالكوليرا في غازي عنتاب وشمال شرق سوريا للعمل عن كَثَب مع خلية التنسيق السورية بأسرها، لا سيّما بشأن الترصد والكشف الفعّال عن حالات الإصابة.

وتقول الدكتورة إيمان الشنقيطي: "بينما نشعر بقلق بالغ إزاء ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا في البلاد، يمكن للنهج المنسق من جانب الحكومة والشركاء والمجتمعات المحلية السيطرة على هذه الفاشية".

ومنذ الإعلان عن حالة الإصابة الأولى في 6 أيلول/سبتمبر، سلمت منظمة الصحة العالمية شحنة تبلغ 60 طنًا من مجموعات أدوات الكوليرا، ومحاليل الإماهة الفموية، والاختبارات التشخيصية السريعة، والإمدادات الطبية للعلاج بالإماهة عن طريق الوريد، بالإضافة إلى الكلور لتنقية المياه. وقدمت المنظمة أيضًا 3.5 مليون قرص لتنقية المياه إلى مديريات الصحة لتوزيعها على نطاق أوسع داخل المحافظات التابعة لكلٍ منها.

cholera-supplies-syriaوفي إطار الاستجابة لفاشية الكوليرا في سوريا، سَلَّمَت منظمة الصحة العالمية شحنة تبلغ 60 طنًا من مجموعات أدوات الكوليرا، ومحاليل الإماهة الفموية، والاختبارات التشخيصية السريعة، والإمدادات الطبية للعلاج بالإماهة عن طريق الوريد، بالإضافة إلى الكلور لتنقية المياه. مصدر الصورة: منظمة الصحة العالمية في سوريا

وبالإضافة إلى ذلك، وصلت إلى دمشق في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2022 شحنة قوامها مليوني جرعة من اللقاحات الفموية المضادة للكوليرا بتمويل من التحالف العالمي من أجل اللقاحات والتمنيع. وستستخدم اللقاحات في حملة تمنيع في 4 محافظات هي الحسكة، ودير الزور، والرقة، وحلب، تستهدف السكان الذين تزيد أعمارهم عن عام واحد في المناطق التي ينتشر فيها المرض بسرعة، وتكون فرص وصول المجتمعات المحلية إلى المرافق الصحية والمياه النظيفة والصرف الصحي محدودة.

ومن خلال عمل منظمة الصحة العالمية بنشاط في 51 مستشفى مخصص لعلاج الكوليرا و 96 مركزًا صحيًا للعلاج بالإماهة الفموية، قدمت المنظمة 100 دورة تدريبية في جميع المحافظات البالغ عددها 14 محافظةً في جميع أنحاء البلد. وقد تلقى أكثر من 2500 مهني صحي يعملون في المرافق الصحية العامة والخاصة تدريبًا على التعريف المعياري لحالات الإصابة بالكوليرا، والتدبير العلاجي للحالات، والوقاية من العدوى ومكافحتها.

وتقدم المنظمة حاليًا الدعم التشغيلي إلى 101 فريقًا للاستجابة السريعة على المستوى المركزي وعلى مستوى المحافظات.

وفي شمال غرب سوريا، قدَّمت المنظمة الدعم إلى 6 مراكز لعلاج الكوليرا تعمل الآن بكامل طاقتها وتَسَعُ 126 سريرًا، بالإضافة إلى ثلاث نقاط عاملة للعلاج بالإماهة الفموية، ويجري حاليًا تجهيز 11 مركزًا آخر.

وفي شمال شرق سوريا، تواصل المنظمة تقديم الدعم لمراكز علاج الكوليرا، بما في ذلك توزيع أكثر من 30 طنًا من الإمدادات (مجموعات أدوات الكوليرا، وأقراص تنقية المياه، والإمدادات الطبية)؛ وعقد دورات تدريبية لبناء القدرات لعدد 200 من العاملين في الرعاية الصحية حول التدبير العلاجي للحالات؛ والترصُّد الفعال عن طريق الزيارات اليومية للمستشفيات العامة والخاصة، بالإضافة إلى الجهود المتواصلة لتكثيف فحص المياه.

يقول الدكتور باسل زينو، مدير مستشفى زاهي أزرق في حلب: "إن الكوليرا ليست مرضًا شائعًا في سوريا، ومنذ بداية الفاشية، نُظِّمت دورات تدريبية لبناء القدرات للأطباء والعاملين في المجال الطبي بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية، وبالإضافة إلى ذلك، دعمت المنظمة إعداد وحدة علاج الكوليرا في المستشفى".

cholera-treatment-centreمستشفى زاهي أزرق في حلب، مركز لعلاج الكوليرا. منظمة الصحة العالمية في سوريا

وتكمن الصعوبات في تزايد عدد الحالات، وعدم القدرة على التنبؤ بانتشار المرض في مناطق جديدة، والاستهلاك الكبير للسوائل الوريدية والأدوية والمستلزمات الطبية، مما أدى إلى نقص هذه الإمدادات والمستُهلَكَات. وفي الوقت الحالي، وبالتعاون مع السلطات الصحية المعنية والشركاء المعنيين، تتمثل مهمتنا في تأمين هذه المستلزمات".

وبالإضافة إلى ذلك، وفي إطار إذكاء الوعي بالكوليرا، وجَّهت منظمة الصحة العالمية وغيرها من الشركاء في مجال الصحة، بما في ذلك المروجون للنظافة الصحية، وموظفو التعبئة المجتمعية، والعاملون الصحيون، ومديرو المخيمات، رسائل رئيسية إلى أكثر من 700000 فرد بشأن الوقاية من الكوليرا ومكافحتها. كما جرى توزيع أكثر من 000 287 مادة إعلامية وتثقيفية.

الأولويات الرئيسية أثناء المضيّ قُدُماً

وبينما تتواصل أنشطة التصدي، تحتاج منظمة الصحة العالمية وشركاؤها إلى مزيد من الدعم لتوفير التمويل الكافي لأنشطة خطة التصدي للكوليرا في جميع أنحاء سوريا، وتوفير فرص توسيع نطاق العمل، لا سيّما فيما يتعلق بإعادة تأهيل منشآت المياه وتشييدها وصيانتها، وشراء الإمدادات الطبية اللازمة لعلاج الكوليرا.