بواسطة الدكتور أسامه درويش المكتب القُطري لمنظمة الصحة العالمية في اليمن
زيارة لبنك الدم بمستشفى الثورة في محافظة الحديدة. . حقوق الصورة: منظمة الصحة العالمية في اليمن
بعد ما يقارب عقدً من الزمن منذ اندلاع الصراع في اليمن، مازالت البلاد تواجه واحدة من أشد الأزمات الإنسانية حدةً في العالم. لقد دمر الصراع النظام الصحي ودفعه إلى حافة الانهيار، وتُعد المساعدات الإنسانية والدعم الذي تقدمه منظمة الصحة العالمية وشركاء الصحة والجهات المانحة أمر بالغ الأهمية للحفاظ على النظام الصحي الوطني في اليمن وإبقائه قيد التشغيل.
وبصفتي مسؤول سلسلة التوريد في منظمة الصحة العالمية في اليمن، أقوم بالإِشراف على إيصال الإمدادات المُنقذة للحياة إلى المجتمعات الأكثر إحتياجاً في اليمن. وعبر المشاريع الممولة من البنك الدولي مثل مشروع الصحة والتغذية الطارئ ومشروع الاستجابة لكوفيد-19 في اليمن ومشروع رأس المال البشري الطارئ، قمنا بتوفير الإمدادات والمعدات الأساسية على مدى السنوات السبع الماضية، حيث تُعد هذه التدخلات رئيسية لمنع انهيار النظام الصحي وتقديم الخدمات المُنقذة للحياة للشعب اليمني.
أحد أنشطتنا الرئيسية هو توفير المواد الطبية وغير الطبية الأساسية للمرافق الصحية في جميع أنحاء اليمن، ويشمل ذلك مستشفيات المحافظات والمديريات والمستشفيات المحورية والمراكز والوحدات الصحية ووحدات عزل كوفيد-19 ومراكز معالجة الإسهالات المائية الحادة والمركز الوطني لمختبرات الصحة العامة المركزية وبنوك الدم. وتوفر منظمة الصحة العالمية مجموعة واسعة من الإمدادات، بما في ذلك المعدات الطبية والأدوية واللقاحات والمنتجات الصيدلانية، كما نقوم بتوفير المواد الإستهلاكية ومعدات الحماية الشخصية ومواد الوقاية من ومكافحة العدوى والمحاليل المخبرية والأكسجين والمياه والوقود.
إن بيئة العمل في اليمن مليئة بالتحديات اليومية، حيث نواجه قضايا تتعلق بالسلامة والأمن، وتحديات خاصة بالتوزيع، والقيود المفروضة على الوصول، ونقص السلع المتوفرة في السوق المحلية، وتقلبات الأسعار والطلب الذي يتجاوز القدرة الإنتاجية للموردين. كما نواجه تحديات في الحصول على التصاريح والموافقات اللازمة من السلطات في اليمن ودول أخرى لنقل البضائع. كما أن اللوائح المعقدة وآليات التنسيق والتحديات الجغرافية وسلسلة التبريد تزيد من تفاقم المشاكل التي نواجهها.
مخازن منظمة الصحة العالمية في صنعاء. حقوق الصورة: منظمة الصحة العالمية في اليمن
ورغم هذه الصعوبات، وبفضل التعاون مع شركائنا في اليمن وعلى المستوى العالمي، تعمل منظمة الصحة العالمية على ضمان وصول الإمدادات الأساسية إلى المجتمعات المحلية عندما وأينما كانت هناك حاجة إليها.
وتُجسد الشراكة بين فرق سلسلة التوريد التابعة لمنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية العالمي الجهود الجماعية للتغلب على التحديات، وتستورد المنظمتين معاً الإمدادات إلى اليمن ويوزع الوقود على 143 مستشفى كل شهر لضمان قدرتها على تشغيل المعدات المُنقذة للحياة مثل الحاضنات وأجهزة التنفس الصناعي. كما أننا نقوم بالوصول إلى عدد من أكثر المناطق النائية في اليمن ونقوم بتوفير الوقود للمستشفيات والمرافق الصحية حتى تتمكن من الإستمرار في العمل.
توفير الوقود للمرافق الصحية بالتنسيق مع برنامج الأغذية العالمي. حقوق الصورة: برنامج الأغذية العالمي اليمن.
في بداية تفشي جائحة كوفيد-19 في عام 2020 وخلال مرحلة الطوارئ في اليمن، واجه فريق سلسلة التوريد لدينا بعضاً من أصعب اللحظات، حيث عمل ضد الزمن لتوصيل الإمدادات المُنقذة للحياة إلى وحدات عزل مرضى كوفيد-19 في جميع أنحاء اليمن. وقد شعرت بفخرً كبيرً عندما قرأت تقارير عن المرضى الذين تم معالجتهم وخروجهم بالسلامة من هذه الوحدات مع العلم أننا لعبنا دوراً في تعافيهم.
وخلال زياراتي الميدانية للمستشفيات، تأثرت بشدة عندما رأيت الأطفال المرضى وهم يتلقون العلاج بالأدوية التي تقدمها منظمة الصحة العالمية وتقديرهم للعاملين الصحيين في المرافق الصحية التي تدعمها منظمة الصحة العالمية. لقد شعرت بالفخر لأنني شاركت في هذه الجهود عندما شاهدت التأثير الملموس لإمداداتنا المُنقذة للحياة في الميدان.
إنه لشرف لي أن أكون جزءاً من جهود الأمم المتحدة لإنقاذ الأرواح ودعم النظام الصحي في اليمن. ومع ذلك، لا يزال الطريق طويلاً، حيث لا يزال الملايين من الناس في حاجة ماسة إلى الدعم.
أقامت منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي شراكة إستراتيجية لمعالجة الإحتياجات الصحية الحرجة في اليمن، حيث لا تزال واحدة من الأزمات الإنسانية المستمرة الأكثر شدةً في العالم. ويركز هذا التعاون على توفير الإمدادات الطبية الأساسية والمعدات والدعم للمرافق الصحية في جميع أنحاء البلاد. ويتمثل هدفنا في التغلب على التحديات المُعقدة التي يفرضها الصراع وضمان وصول الخدمات المُنقذة للحياة إلى المجتمعات الأكثر ضعفًا في اليمن.